في كل عام يختلف المختلفون حول إخراج القيمة في زكاة الفطر، فنرى بعض المتشددين يوجبون في زماننا هذا إخراج الشعير أو التمر زكاة!!!! ويتهمون المخالفين بترك السنة ومحاربة السنة ..!!
وهم في نفس الوقت يخالفون السنة بخروجهم عن النص ( الشعير - والتمر ) ويفتون بجواز الرز او غيرها .. ولكن مما لا شكّ فيه أنّ الأفضل والأيسر للفقير والمزكي إخراج القيمة نقودا، لأن العلة من فرض الزكاة هو إغناء الفقراء في هذا اليوم فمتى تحقق الإغناء كان ذلك هو الأولى.
وكذالك اختلفوا في وقت خروجها حدد رسول الله صل الله عليه وسلم زمنها من صلاة الفجر إلى قبل صلاة العيد.
1- إن الخلاف بين العلماء في هذه المسألة ليس في أن بعضهم يأخذ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والآخرين يردون حديثه صلى الله عليه وسلم وبجتهدون بخلافه !
الصحابة اجازوها قبل العيد بثلاثة أيام - هذه لا باس باخدها ولم يشرعها الشرع والتي قبلها لا مع ان الاثنين اجتهاد من الصحابة والتابعين.
بل الخلاف هو في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
اغنوا الفقراء كما قال الإمام أحمد اسأل الفقير ماذا يساعده.
كما اختلفوا في فهم حديثه صلى الله عليه وسلم عندما أمر الصحابة رضوان الله عليهم أن لا يصلين أحدكم العصر إلا في بني قريظة
-
فصلى بعضهم في الطريق في وقتها ولم يصلها في بني قريظة وقالوا : أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمره هذا الإسراع وأن نسرع لا أن نؤخرها فنصليها في بني قريظة
ويتحجج المانعون بشبهة أن الفقير احتمال أن المال يشتري بها سكائر وأشياء اخرى
وصلاها البعض في بني قريظة بعد المغرب أخذا بظاهر الحديث
الجواب : الفقير إذا يريد يبيع الرز ويحصل على المال ليشتري به ما يحتاجه هو
فعندما علم النبي صلى الله عليه وسلم باختلافهم في فهم حديثه ( فلم يعنف أحدا ) ولم يقل للذين صلوها في الطريق في وقتها : لماذا خالفتم أمري ولم تصلوها في بني قريظة كما أمرتكم ؟ بل وافقهم على اجتهادهم .
-
2 - لقد غير معاذ بن جبل الصحابي الجليل الذي بعثه النبي إلى اليمن ،غير زكاة الذرة والشعير إلى الخميص واللبيس وقال ذلك أسهل لكم وأفضل لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ( يقصد فقراؤهم )
سؤال : من هو الصحابي الجليل الدي اعطى زكاة الفطر مكرونه او الرز او كسكسي
فلم يعترض عليه أحد فكان إجماعا سكوتيا على أقل تقدير .
هل ذكر النبيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، الرز والعدس و . . . ؟
3 - الذين فهموا من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بفرض زكاة الفطر أنه لمواساة الفقير وسد حاجته وليس الطعام بذاته هم كل من :
وهل قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، قوت البلد ؟ كلا طبعا !
1 - الحسن البصري
هل أخذوا ذلك من حرفية النص ؟ أم استنباطاً منه ؟
2 - سعيد بن المسيب
فرض رسول الله صل الله عليه وسلم - التمر والشعير- لم يقول بإخراج الطعام ولا قوت البلد ولا ولا إلخ النص يقول التمر والشعير
3 - أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف
وإذا أضيف إليه ما كان يخرجه الصحابة فهو الزبيب والأقط فلا يجوز - حسب منطقهم -إخراج شيء آخر غير المنصوص ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يجب إخراج الطعام ولا يجوز غيره فهذا الكلام إجتهاد البشر وليس نص النبي صلى الله عليه وسلم اذا كان هذا الاجتهاد مقبولا عندكم فكذلك إخراجها مالا اجتهاد علماء
أما من يقول بأن النص أولى من الاجتهاد
4 - سعيد بن جبير
غير أننا قلنا بالخروج عن الأصناف الواردة في الحديث إلى المال، وهم قالوا بالخروج عنها إلى غالب طعام أهل البلد.
5 - الخليفة الراشد عمر بن عبدالعزيز حيث بعث برسالة إلى واليه في البصرة يأمره بإخراج زكاة الفطر عن كل واحد درهم ، وقرأ الوالي رسالته على الناس فلم يخالفه عالما واحدا فكان إجماعا سكوتيا على أقل تقدير
-
6 - سفيان الثوري
أن الله تعالى حينما نص على الخيل في قوله تعالى : (و أعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل . . . )
7 - الإمام الأوزاعي صاحب مذهب ومجتهد الشام
ما كان يعلم مصلحة المسلمين فلم ينص على الدبابات والمدرعات وإنما نص على الخيل ! ! !
8 - الليث بن سعد مجتهد مصر وصاحب مذهب
-9 - الإمام أبو حنيفة
10 - الإمام أبو يوسف
11 - الإمام زفر
12 - الإمام محمد بن الحسن الشيباني أستاذ الإمام الشافعي
وغيرهم فهؤلاء جميعهم أفتوا بإخراج النقود في زكاة الفطر !
فهل هؤلاء جميعهم عصوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وخالفوه ولم يفهموا حديثه صلى الله عليه وسلم ؟
4 - المشكلة العظيمة في هذه المسألة هي أن الذين ينكرون إخراج النقود يرفضون فهمهم الخاطيء على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم :أنا قصدي الطعام ولا يجوز إخراج النقود !
5 - النبي صلى الله عليه وسلم نص فقط فقط على التمر والشعير فقط فقط
فالذي يتبع النص بزعمه لماذا خرج عن النص والذي هو التمر والشعير واجتهد مع وجود النص فقال بإخراج الرز الذي لم يكن موجودا أصلا في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ؟
هل يقول : إن الزمان تغير فلم يعد الناس يأكلون الشعير وتغير قوتهم فوجب أن نجتهد ونغير ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو صلى الله عليه وسلم قد نص على التمر والشعير ونحن نغير حسب عصرنا واحتياجاتنا ؟
ألم يكن باستطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول :أخرجوا زكاة الفطر من طعامكم بدل النص على التمر والشعير ؟
فلماذا يجوز لكم الإجتهاد مع وجود النص ولا يجوز لغيركم من العلماء العظام أن يفهموا من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير ما فهمتموه ؟
6 - ويا ليتكم قلتم : هذا فهمنا واجتهادنا وسكتم كما سكت الصحابة الذين صلوا العصر بعد المغرب !
ولكنكم تريدون فرض فهمكم وتزعمون أن النبي الذي بعث رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم كان قد فرض الرز لاغناء الفقراء في العيد ، وأن اجتهادنا هو الحق الذي لا صواب إلا هو وأن غيره هو الباطل والضلال والخطأ ، وأن كل أولئك العلماء ضلوا وأخطأوا وهم على الباطل !
7 - أما قولهم أن حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من إجتهاد المجتهدين ! !
في هذا القول مجازفة عظيمة إذ قد جعلوا فهمهم هو حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونخشى أن يكون هذا الكلام إفتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم !
وهل هذا الخلاف بين العلماء إلا في فهم المراد وإصابة حكم رسول الله صلى الله عليه ؟
4 - يفرضون فهمهم الخاطيء
أما قولهم أن الدراهم والدنانير كانت موجودة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فهذا غير صحيح لم تكن موجودة بكثرة وغلبة كعصرنا هذا والناس كانوا أصحاب زروع وماشية والمال قلة ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم أن يشق عليهم فيسر أمرهم وأمرهم بإخراج ما عندهم من الزروع والمواشي
بل كان المال قلة حتى في عصرنا قبل عقود الناس كانوا يتقاضون بينهم مقايضة البر بالعنب والشعير بالقماش والسكر بالطحين و و و هكذا فكيف قبل أربعة عشر قرن من الزمان ؟
ومن المضحكات قولهم : لو أعطيت الفقير المال ربما اشترى السكاير ! !
يعني أن قولهم هذا يدل على عدم إخراجهم زكاة المال مالا ؟
يعني إذا كان أحدهم يملك عشرة ملايين دينار والتي زكاتها 250000 دينار لا يعطونها الفقير دنانير خوفا من أن يشتري السكاير ؟
وهل هذا الذي قالوه هو الكتاب والسنة وعمل السلف الصالح ،أم هو كلام يخرج من عقل صغير جدا جدا باسم الكتاب والسنة والسلف الصالح ؟
أما الأضحية فالمراد منها إراقة دم الأضحية وإحياء سنة إبراهيم الخليل عليه السلام وذكرى الفداء وليس حصرا إغناء الفقير ومواساته كزكاة الفطر
-
هؤلاء الذين يحرصون على التشبث بحرفية النص و ينكرون على الاخرين الاجتهاد في مواطن كثيرة هم كذلك يجتهدون، نعم يفعلون. لقد أضافوا الارز مثلا مع أنه ليس في حرفية النص !!!.
و استعملوا كذلك عبارة "من قوت البلد" كي يضيفوا ما يشاؤون زيادة على ما فرضه نص الحديث !!!.
فمن أين لهم هذه الزيادات إن كانوا فعلا يتقيدون بحرفية النص ؟!!!
بل و أعمدة السلفية يفتون باعطاء زكاة الأنعام نقدا اذا اقتضت المصلحة مع أن حرفية نصها هي اعطاؤها نعما من جنسها فقط. فابن تيمية و ابن عثيمين و ابن باز كلهم افتوا بجواز اخراج زكاة النعم نقدا اذا اقتضت المصلحة مخالفين بذلك نص السنة القولية و الفعلية. مع العلم أن زكاة النعم أوجب من زكاة الفطر.!!! فلماذا إذا تجوز نقدا في النعم و لا تجوز نقدا في الفطر ؟؟؟؟!!!.
ثم إن القول أن النقود كانت موجودة أيام النبي فهذه مغالطة لأن النقود أيام النبي كانت قطعا من ذهب و فضة غالية و عزيزة و قيمة الواحدة منها أكثر مما يجب أن يعطى في زكاة الفطر. أما نقودنا اليوم بفلوسها و اختلاف قيم تجزيئها مع رمزيتها فالأمر يصير جد مختلف.
و إن تعنتنا مع ذلك لحرفية النص فحتى زكاة الذهب و الفضة فحرفية نصها في القرآن و السنة هي أن تخرج من جنس الذهب و الفضة، و ليس هناك نص باخراج قيمتها نقدا كما يفتون اليوم، فمن أين لهم هذا !؟.
و بالتالي إذا اتبعنا هذا المنهج، منهج حرفية النصوص فلا أحد سيخرج زكاة نقوده اليوم لأنها ليست لا ذهبا و لا فضة بل مجرد نقود لا قيمة لها في معدنها و لكن برمزيتها فقط، و لا نص فيها. وبالتالي تكون الزكاة في النقود الحالية باطلة إذ مخالفة لمنهج....حرفية النص !!!
و هكذا بهكذا منطق على شاكلة "تقيد بحرفية النص هنا و لا تفعل هناك" ستعطل الكثير من الاشياء في ديننا و نحير في أمرها.
ولماذا لا ينكرون كذلك على الجيوش استعمال الدبابات و الطائرات إذ هو مخالف لحرفية نص العدة في القرآن من رباط الخيل !؟
لقد وسع صدر النبي روح النص في الكثير من المواقف و كذلك فعل عمر (فقيه المقاصد و الاولويات) و غير الكثير من الاشياء معلومة من سنة النبي و حتى من القرآن و منها مثلا :
* امضاء طلاق الثلاث بتة في مجلس واحد
* تقليص أعطيات أعطاها رسول الله
* تعليق الزكاة للمألفة قلوبهم
* تعليق الزواج من الكتابيات
* تعليق حد السرقة
* احياء التراويح جماعة
* الإشارة بجمع القرآن في مصحف
* جلد المسكر ثمانين وكانت أربعين
* زيادة "الصلاة خير من النوم" في الاذان
و معلوم أن فقه المقاصد و الاولويات هي سنة قديمة معمول بها ولم ينكرها أحد من الصحابة. فالنبش فيها و رفض اجتهادها و الانكار على من يتبنونها و خاصة في زكاة الفطر يعتبر أمرا لا يتعدى أن يكون تفرقة للامة على لا شيء، على لاشيء، على لاشيء.
يعني صرنا أمة يسهل إغراقها في كوب من الماء !!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق